بحث عن منطقة الأهرامات
قبل أن نتكلم عن أهرامات الجيزة الشهيرة لابد لنا أن نتعرف على كيفية نشأة الهرم أو فكرة الهرم عموما.
الهرم ما هو إلا مقبرة وهو أقصى ما توصل إليه فكر المعماري المصري القديم, وكانت المقابر تعتبر أهم شيء يهتم به المصري القديم لاعتقاده في الخلود وكانت تتوقف حالة المقبرة على الناحية المادية والمركز الاجتماعي للأسرة فكانت مقابر عامة الشعب مكونة من حفرة رأسية بيضاوية القطاع,
تغطى بقطع حجرية وتوضع عليها قطع من الخشب أو الحجر للدلالة على مكان المقبرة أما مقابر الأثرياء فكانت عبارة عن حجرة من الطوب اللبن أو الحجارة ويوجد في أحد أركانها حفرة رأسية مريعة القطاع أو مستطيلة يوضع في أسفلها تابوت حجري لوضع المومياء فيه وتملئ بعد الدفن بالحجارة والرمال أما مقابر الملوك فكانت تتكون من جزأين أساسيين:-
اولهما فوق سطح الأرض ويتكون من حجرة رئيسية توضع فيها أمتعة المتوفى وتقام فيها الحفلات الجنائزية قبل الدفن وبعده وتقدم فيها القرابين أما جدران الحجرة فكانت مليئة بالنقوش والرسومات التي تدل على حالة المتوفى والوظائف التي تقلدها والأعمال التي كان يقوم بها وعلى امتداد هذه الحجرة الرئيسية توجد حجرة أخرى يفصلها عنها جدران سميكة توضع فيها جميع نفائس الميت كما يوضع فيها البخور والروائح الذكية حتى تظل رائحة الحجرة عطرة.
مقبرة توت عنخ آمون نموذج مكتمل من المقابر الملكية
أما الجزء الثاني الموجود في باطن الأرض فهو عبارة عن حجرة رأسية في إحدى أركان الحجرة, مريعة القطاع يتراوح عمقها بين 13م, 26م يوجد بأسفلها سرداب أفقي ارتفاعه 1.5 متر يصل إلى حجرة الدفن التي بها التابوت المخصص لوضع المومياء وبعد الدفن يغلق السرداب ببابين من الأحجار السميكة ثم تملئ الحفرة بالأحجار والرمال أما الشكل الخارجي للمصطبة فهو عبارة عن بناء خالي من جميع الجهات مستطيل وأضلاعه موازية للجهات الأصلية مدخله الرئيسي بالحائط الشرقي وسطحه أفقي تماماً وكان من المعتاد عمل مجموعة من الأبواب المستعارة في الجهة الشمالية الشرقية.
لم يكن هناك, حتى بداية الأسرة الثالثة, أي فارق بين قبر الموظف الكبير وقبر النبيل وبين قبر الملك من حيث التخطيط غير أنه منذ ذلك الوقت ظل الموظفون والنبلاء يُدفنون في مصاطب بينما يُدفن الملوك في قبور هرمية الشكل.
ثم أنشأ زوسر, الذي ربما كان أول ملوك تلك الأسرة, شكلاً جديداً للقبور, وكان هذا بلا شك من وحي مهندسه المعماري الشهير إمحوتب.
وإن قبره الفخم في سقارة, لمن العجائب المعمارية للعصور القديمة.
لم يكن هرماً بالمعنى الهندسي الصحيح, ولكنه يتدرج في ست درجات أو مصاطب ضخمة من جوانبه الأربعة, إلى ارتفاع نحو 60م, وطول قاعدته 109م تقريباً من الشمال إلى الجنوب وحوالي 121متراً من الشرق إلى الغرب.
وهناك برهان معماري على أن هذا الهرم صار بتلك الأبعاد بسلسلة من التكبيرات وأن الهرم المدرج
هرم زوسر المدرج أول أشكال الهرم أو ما يشبه الهرم
موضوع فوق مصطبة مربعة مثلما وضعت أكوام الآجر فوق المصطبة العادية من قبل. توجد حجرات دفن الملك وأعضاء أسرته الأحد عشر أسفل الهرم على عمق كبير في الصخر الذي تحت سطح الأرض, كما أن هناك عدداً من الحجرات والممران الأخرى, بعضها مزين بالفيانس الأزرق محاكاة لحصير الغاب, والأحجار المنقوشة نقشاً بارزاً, تصور الملك وهو يقوم بشتى الاحتفالات الدينية.
ويحيط بهذا الهرم سوراً مستطيلاً ارتفاعه حوالي 10 أمتار ومحيطه نحو 1650متراً تقريباً.
وهناك ظاهرة غريبة في هذا السور, وهي أنه يضم عند قطاعه الجنوبي مصطبة, تشبه حجراتها السفلية, حجرات الهرم المدرج, إذ أن بها نقوشاً منحوتة للملك وتبطن حوائطها الداخلية بالقيشاني الأزرق.
ولا نعرف حتى الآن الغرض الذي بنيت من أجله هذه المصطبة .ويشمل الفضاء الذي بين الهرم المدرج والسور أفنية مكشوفة, ومباني للاحتفالات بعضها مصمت من الحجر وليس به حجرات داخلية.وفضلاً عن الفناء ذي الأعمدة الواقع أمام المدخل, فإن المباني التي على الجانبين الشرقي والجنوبي مخصصة للملك كي يحتفل به في حياته على الأرض.ومن المباني التي على الجانب الشمالي للهرم,والتي لم تكن مصمتة,سرداب به تمثال من الحجر للملك وهو جالس, ومعبد جنائزي قام الكهنة بالخدمة فيه لمدة ربما تبلغ عدة سنوات بعد موت الملك, وكذلك بالطقوس الدينية نيلبة عن الملك.
بنى ثلاثة على الأقل من الملوك الذين خلفوا زوسر على العرش, أهراما مدرجة. بيد أنه ما من واحد منها يمكن أن يقارن بهرم زوسر الرائع, حتى ولو أخذنا في الاعتبار حالتها المتداعية.
وينسب أحد الأهرامات إلى ملك يدعى سخم خت,وقد أثار اهتماماً عالمياً عندما عثر عليه أثناء الحفر (في عام 1954) إذ كان به تابوت من المرمر في حجرة الدفن, بدا عند العثور عليه أن أيدي اللصوص لم تعبث به, غير أنه ما إن رفع غطاؤه حتى وجد خاوياً.
يمكن رؤية المرحلة الثانية في تطور بناء الأهرام, في الهرم القائم في ميدوم الواقعة على مسافة 80كم جنوبي الجيزة.
وربما بناه حوني آخر ملوك الأسرة الثالثة ثم أكمله سنفرو أول ملوك الأسرة الرابعة (حوالي 2670 ق.م.) , الذي بناه أولاً هرماً مدرجاً ثم ملأ الثماني درجات لتكون جوانب الهرم الأربعة مستقيمة مائلة من القاع إلى القمة, وربما أمكننا التخمين بأن قمته كانت مدببة, غير أنه لا يمكن البرهنة على ذلك لأن قمته قد تهدمت.
ثم اتبع هذا الشكل في الأهرامات التالية لتبدو على الصورة الجديدة( الهرمية), ويوضح نظام المباني المجاورة لهذا الهرم تطوراً استمر بعد ذلك مع بعض تغييرات في التفاصيل إلى نهاية تاريخ بناء الأهرام.
وقد بني بجانبه هرم صغير ربما لتدفن فيه الملكة, على الجانب الجنوبي للهرم الأصلي, بينما بني عند الجانب الشرقي, وفي خط مستقيم تقريباً, معبد جنائزي وممر مكشوف يصل هذا المعبد بمعبد ثان, يقع على بعد 200م تقريباً عند الحدود بين الصحراء والأرض الزراعية.
هناك هرمان في دهشور ينسبان إلى الملك سنفرو من الأسرة الرابعة (على مسافة قريبة جنوبي سقارة ), جديران بالذكر بسبب منظريهما الفذ. ففي الجنوبي منهما يزداد ميل زاوية الانحدار فجأة عند نقطة بعد منتصف ارتفاعه, ولذا سمي بالهرم المنحنى أو "الهرم المنبعج.
أما جاره الشمالي فمبني بزاوية انحدار مقدارها 36’’,43ْ (تساوي تقريباً زاوية ميل الجزء العلوي من الهرم المنحني )
على نقيض زاوية الانحدار العادية التي تبلغ 52ْ تقريباً.
بعد حوالي 100 عام (2500ق.م.) تقريباً من بناء مجموعة الأهرامات المدرجة بسقارة توصل العباقرة المعماريون المصريون إلى أحد عجائب الدنيا السبع إلى أكبر إعجاز معماري على وجه الأرض في الزمن القديم بل والحديث أيضاً, توصلوا إلى الإعجاز كماً وكيفاً في هرم خوفو العظيم الذي لم يفقد سحره وشموخه إلى الآن والسبب في ذلك عدم توصل العلماء إلى سر بناؤه بهذه الطريقة العجيبة إلى الآن.
ويشغل الهرم الأكبر مساحة أكثر من 13 فداناً, وكان يصل ارتفاعه إلى 146.5 متر تقريباً وقد فقد منه جزؤه العلوي البالغ ارتفاعه 9متر, وتواجه جوانبه الأربعة المائلة بزاوية 52’’, 51ْ, الجهات الأربعة الأصلية تماماً وقد بني على قاعدة حجرية ارتفاعها 50م وقد استغرق بناء الهرم أكثر من 20عام ووصل عدد العمال الذين اشتركوا في بناؤه 300 ألف عامل ويوجد مدخله الرئيسي في الواجهة الشمالية وعلى ارتفاع 14.5 م من قاعدته , وبنى هذا الهرم الملك خوفو والذي حكم مصر أكثر من ثلاثة وستين عاماً, وهو بن سنفرو.وقد بني جزء الهرم الداخلي من الحجر المحُلٌى وكسي كله بطبقة لامعة من الجيري من أجود نوع, من محاجر طرة, ولكن لم يبقى من هذه الكسوة إلا جزء بسيط في أعلى الهرم الاوسط